أبو بكر الصديق عبد القادر
أبو بكر الصديق عبد القادر طالبُ دكتوراه في قسم التاريخ والكلاسيكيات في جامعة ألبرتا بكندا. ويدورُ مشروعُه البحثيُّ حولَ استخدام الشعر العربي وسيلةً للتعبير الفكري، مع التركيز على موريتانيا، المعروفة باسم «بلد المليون شاعر». ويتناولُ في بحثه «ظهورَ» هذا التقليد الفني المُؤَثِّر للشعر، الذي جسَّد وأشاع أفكارَ ومذاهبَ العلماء المسلمين في غرب إفريقيا، وكيف أصبح سمةً مُمَيِّزةً لثقافة العلوم الإسلامية في موريتانيا (وامتدادًا منها لغرب إفريقيا المسلمة). حصل أبو بكر على دبلوم متقدم في اللغة العربية في دمشق – سوريا، وبكالوريوس (مع مرتبة الشرف) وماجستير في اللغات والثقافات الساميَّة (دراسة الإسلام) من جامعة جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا. ودرس كذلك اللغةَ العربية والعلوم الإسلامية على يد علماء مسلمين في مراكز تعليم إسلامية مختلفة في سوريا وموريتانيا والسنغال، وحصل منها على إجازات. أسهم أبو بكر في الأعمال الأدبية العربية والإسلامية والفكرية في غرب إفريقيا، وله خبرةٌ بحثية في هذا المجال. عمل باحثًا في قسم الدراسات الدينية، وفي مشروع مخطوطات تومبوكتو – معهد العلوم الإنسانية في إفريقيا، وكلاهما في جامعة كيب تاون. وخلالَ مدة وجوده في الجامعة، اكتشف ودَرَس وفَهْرَسَ «معينًا لا ينضبُ» من المصادر الأدبية والمؤلفات التي كتبها أعضاء الطريقة التيجانية الصوفية؛ أكبر طريقة صوفية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. كذلك ترجمَ وحلَّلَ عددًا من النصوص والمخطوطات القديمة في غرب إفريقيا لبعض الأعمال العلمية الرائدة.
ملخص الورقة البحثية: التراثُ الفكري الإسلامي الموريتاني – دراسةٌ لمجموعات مخطوطات خاصة في قرية النباغية.
تتجاوزُ موريتانيا ذلكَ التقسيمَ التاريخي لإفريقيا إلى مناطقَ خياليةٍ شكلها كُتَّاب مسلمون من العصور الوسطى في شمال إفريقيا، ثم رسَّخَتْها بعد ذلك التجربةُ الاستعمارية الفرنسية؛ تحديدًا باستخدام مصطلحات: الشمال العربي «الأبيض»، والسكان الأصليون «السود» جنوبَ الصحراء الكبرى. هذا التقسيمُ الجغرافي والثقافي الوهمي لـ «إفريقيا» قد محا حرفيًّا موريتانيا (وجيرانها في الصحراء الكبرى) من الاعتبارات العلمية؛ الأمرُ الذي جعل تقاليدَهم الفكرية العربية الإسلامية غيرَ مرئية، أو «مصبوغةً» بمفاهيمَ مخترعة؛ كالإسلام العنصري، أو التسمية الشائعة «الإسلام الأسود» و «الإسلام البربري». ورغمَ الاهتمام الكبير بالتراث الفكري العربي الإسلامي في الصحراء الكبرى وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا سيما ثقافة المخطوطات في المنطقة، لا تزال موريتانيا غائبةً عن المشهد. فقد ركَّزَت الأعمالُ الأكاديمية إلى حدٍّ كبير على التاريخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لموريتانيا، لكنَّ تلك الأعمالَ لم تُوَثِّقْ ولم تستكشفْ بشكل كامل إسهاماتِها الفكريةَ المؤثرةَ بشكل ملحوظ في العلوم الإسلامية في المنطقة وخارجَها؛ ويشهدُ لذلك النقولاتُ العديدةُ عن المؤلفين الموريتانيين والأعمال الموريتانية، في مناطق المغرب، والصحراء الكبرى، وجنوب الصحراء الكبرى، من القرن السابع عشر فصاعدًا. ويُعَدُّ كتاب تشارلز إس ستيوارت (2016) «كتابات موريتانيا والصحراء الكبرى الغربية» (الأدب العربي الإفريقي، 5) (The Writings of Mauritania and the Western Saharan (ALA V))، دليلًا على الكم الهائل من الأعمال غير المدروسة في المنطقة (معظمها مخطوطات لم تُنشر بعدُ). ومع استمرار التوسع في الدراسات الأكاديمية لتقاليد وثقافة المخطوطات العربية الإسلامية في مناطقَ مثل تمبكتو ونيجيريا والسنغال، تأمل دراستي أن تُسَلِّطَ الضوءَ على أهمية الثقافة الفكرية المكتوبة وتراث المخطوطات في موريتانيا، وما لذلك من تأثير على بقية المنطقة. وستُرَكِّزُ ورقتي البحثيةُ على بعض المجموعات الخاصة في قرية النباغية، وهي قريةٌ علمية في المنطقة الجنوبية الغربية من موريتانيا. وسوف تدرس المجموعاتِ الثريةَ [غير المفهرسة] المملوكة للشيخ محمد فال الملقب بـ «أباه»، وهو عالم مُبَرِّز ومُؤَسِّسُ مدرسة العقيدة الشهيرة «محضرة النابغية»، ولعائلات علمية أخرى في القرية. وإضافةً إلى ذلك، سأتناولُ بالتحليل الأنواعَ التي تُمثِّلُها مجموعاتُ المخطوطات هذه، ومحتواها، وسأُناقشُ تاريخَها، وثقافةَ موادِّها، وكيف يُدَرَّسُ بعضُ هذه النصوص ويُستخدم في المراكز التقليدية المعاصرة للتعليم الإسلامي (المحاضر).